الأخبار

في المولد النبوي.. تذكروا المستضعفين في الأرض

 


كتب د. محمد عمر الذنيبات

الحمد لله المُنعِم على عباده بدينِه القويم وشِرعته ، وهداهم لإتِّباع سيِّد المُرسلين والتمسُّك بسُنَّته ، وأسبغَ عليهم من واسعِ فضلِه وعظيم رحمته ، له دعوةُ الحقِّ يُخرِج الحيَّ من الميت ، ويُخرِج الميتَ من الحيِّ ، يُسبِّح له الليلُ إذا عسعسَ والصبحُ إذا تنفَّس  . وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : 

         إن في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول الأغر يومٌ تشرفتْ فيه الأرضُ بمولد خير الخلق أجمعين سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

   فالحمد لله الذي أنار الوجود بطلعة خير البرية سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق الذي قال ربنا سبحانه فيه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وقد تشرفت الإنسانية والأرض بمولده الكريم في يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول وهو الرحمة المهداة كما جاء في حديث النبي : (إنما أنا رحمة مهداة)، ومصداقاً لقوله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾.

    فهنيئاً لنا أمة الإسلام برسول الله  الشافع المشفع عند الله تعالى، صاحب المقام المحمود الذي قال الله سبحانه فيه: ﴿ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ ، فَهْو الذي يأتي يوم القيامة رافعاً يديه بالدعاء: «اللهم أمتي أمتي»، فيجيبه ربُّ العزة: «يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك، ولا نسوؤك» .

 إذ أنها لا تقبل الشهادة والإيمان بكلمة التوحيد (لا اله الا الله) إن لم تكن مقرونة بالإيمان بسيدنا محمد  يقول الله تعالى: ﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾  وأما عن خلقه  فقد شهد الله تعالى له بالخلق الحسن وأي شهادة أعظم من شهادة الله تعالى . يقول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ ويقول  : (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق)،فعلينا أن نتمثل بأخلاقه  في تعامله مع الخلق والناس أجمعين .

وقد جاء في بردة البوصيري رحمه الله تعالى ، أبياتاً من الشعر في وصف سيدنا محمد  :

فَاقَ النَبِيّينَ فيِ خَلْقٍ وَفيِ خُلُقٍ        وَلَمْ يُدَانُوهُ فيِ عِلْمٍ وَلاَ كَرَمِ

 وَكُلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ    غَرْفًا مِنَ البَحْرِ أَوْ رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ

 وَوَاقِفُونَ لَدَيْهِ عِنْدَ حَدِّهِمِ      مِنْ نُقْطَةِ العِلِمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الحِكَم

 فَهْوَ الذِّي تَمَّ مَعْنَاهُ وَصُورَتُهُ    ثُمَّ اصْطَفَاهُ حَبِيبًا بَارِئُ النَّسَمِ

نعم أخي القارئ ، فنجدد في هذه الذكرى العطرة معاني المحبة لسيدنا رسول الله ﷺ فهو منّة الله علينا ؛ الذي أخذ بأيدنا واستنقذنا الله به من ظلمات الجهل والضلال إلى أنوار العلم والطاعة والتزكية ، صَبرَ وصَابر ودعا إلى الله حتى تصلنا أنوار الهداية وننجو في دنيانا وآخرتنا ، يقول الله تعالى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ نحبه عليه الصلاة والسلام وهو الذي أحبنا واشتاق لرؤيتنا. نحبه ونقرأ في فضائله عليه الصلاة والسلام حديثه الشريف: ( أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر وأنا أولُ من تنشقُّ الأرضُ عنه يومَ القيامةِ ولا فخر وأنا أولُ شافعٍ وأولُ مشفَّعٍ ولا فخر ولواءُ الحمدِ بيدي يومَ القيامةِ ولا فخرَ) .

      وفي ظلال قدوم ذكرى مولد سيد البشر محمد  ينبغي على كل مسلم أن يحضر نفسه الإجابة على هذا السؤال . تخيل معي : لو كان بيننا سيدنا محمد  هل هو راضٍ عن واقعنا اليوم، فكم في عهده أعطانا دروساً وعبر وكم خاض معارك وبطولات كان يجب أن ترسخ في قلب كل مسلم مؤمن بمعاني العزة والكرامة والشرف والنصرة والمنعة لنصرة المظلومين والمستضعفين والمحتاجين. 

     نعم أخي الكريم فإذا أردت رضى الله أولاً ومن ثم رضى سيدنا محمد  فلا بد منك من النهوض  وإشعال نار الغيرة والحمية فيك وفيمن حولك ، ولابد منا جميعاً الإسراع في تقديم يد العون لهم ونصرتهم بشتى أنواع السبل من مال ودواء وغذاء وذلك أضعف الإيمان ، فالمحتاجين من الفقراء والمشردين والضعفاء ينتظرون فزعتنا ونهوضنا ومد يد العون لهم، والله حسيبنا ، نكون قد أعددننا أنفسنا جيداً لإجابة ذلك السؤال ، نسأل الله  الفرج لهم . 

اللهم اجعل خيرَ زمانِنا آخرهُ وخيرَ أعمالنا خواتمِها وخيرَ أيامنا يوم نَلقاك.

(الذنيبات نيوز) 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-